الدراما السورية تواجه ماضيها وتوثّق حقبة السجون والانتهاكات
الثانية | وكالات
تشهد الدراما السورية تحوّلاً لافتاً مع استعداد موسم رمضان المقبل لعرض أعمال جريئة تستحضر الوجه المظلم من تاريخ البلاد خلال العقود الماضية، في خطوة تُعدّ مصالحة فنية مع الذاكرة ومحاولة لتوثيق مرحلة القمع والسجون والتعذيب والتهجير التي عاشها السوريون تحت حكم النظام السابق.
"لا زمان لا مكان".. دراما تعيد سرد الذاكرة
يقدّم المخرج صفوان نعمو عبر مسلسل "لا زمان لا مكان" مشروعاً درامياً مؤلفاً من عشر ثلاثيات كتبها مجموعة من الكتّاب السوريين، في صيغة تتيح تنوّع الحكايات مع وحدة الهدف: نقل معاناة السوريين كما هي.
تستند القصص إلى شهادات واقعية لأشخاص عاشوا التعذيب والنزوح والانقسام الطائفي، وتُروى برؤية فنية تمزج بين الواقعية والبعد الإنساني.
ويُمنح كل فصل من العمل أغنية خاصة يؤديها فنان مختلف، لتضيف بعداً عاطفياً يعزز من حضور التجربة.
عودة الفنانة أصالة نصري
الحدث الأبرز في العمل هو عودة الفنانة أصالة نصري لغناء شارات الدراما السورية بعد غياب طويل، إذ تؤدي أغنية المسلسل التي وصفتها بأنها "من أجمل ما غنّت"، مؤكدة أنها تأثرت بالنص والموسيقى حتى البكاء.
ويشارك في بطولة العمل غسان مسعود، دانا مارديني، فادي صبيح، سامر إسماعيل، ومحمد حداقي إلى جانب مجموعة من الوجوه الجديدة.
"الخروج إلى البئر".. شهادة درامية على سجن صيدنايا
أما العمل الثاني "الخروج إلى البئر"، من تأليف سامر رضوان وإخراج محمد لطفي، فيغوص في ملف سجن صيدنايا، أحد أكثر الملفات حساسية في التاريخ السوري الحديث.
يتناول المسلسل حياة السجناء وخلفياتهم السياسية ومعاناة ذويهم، ويعود بالزمن إلى ما قبل الثورة السورية ليكشف جذور القمع والاستبداد.
ويضم العمل نخبة من النجوم، منهم جمال سليمان، كارمن لبس، عبد الحكيم قطيفان، واحة الراهب، نوار بلبل، ونانسي خوري.
وتُرجّح مصادر إنتاجية أن يُصوّر المسلسل في بيروت، بعد تحفظات الرقابة في دمشق على بعض المشاهد التي تتناول السجن والانتهاكات داخله.
ذاكرة مفتوحة على الحقيقة
تستند أحداث العملين إلى وثائق وشهادات حقيقية لناجين من المعتقلات، ما يمنحهما مصداقية توثيقية عالية ويحوّلهما إلى دراما توثيقية للذاكرة السورية أكثر من كونهما مجرد أعمال فنية.
ويُنظر إلى هذه التجارب كخطوة جريئة في توثيق الذاكرة الجماعية للسوريين، وإعادة قراءة سنوات القمع عبر الفن، في محاولة لتحويل الألم إلى ذاكرة بصرية تروي ما عجزت السياسة عن قوله.